من طرف حبك وشم مايمحي الخميس أغسطس 19, 2010 9:42 am
لم تترك الحرب زاوية في حياة العراقيين إلا وألقت بظلالها القاتمة الثقيلة عليها، وآخر الإفرازات التي يتداولها العراقيون هذه الأيام قضية تأثير العنف على نمو الأطفال عامة وعلى طول قامتهم تحديدا.
وازداد الاهتمام بهذا الموضوع بعد أن صدرت دراسة علمية بريطانية خلصت إلى أن الأطفال العراقيين الذين ولدوا في أكثر المناطق عنفا هم أقصر كثيرا من نظرائهم المولودين في أجزاء أخرى من البلاد، وتتناول الدراسة الأطفال الذين تقل أعمارهم عن خمس سنوات وهم الذين ولدوا بعد الغزو الأميركي عام 2003.
وإذا كان بإمكان الأسر العراقية رصد مظاهر الهزال والضعف في بنية الأطفال نتيجة لسوء التغذية أو الانتباه لعلامات القلق والتوتر عندهم بسبب الخوف اليومي من الانفجارات ومشاهد القتل والدماء، فإن الأهل غير قادرين على التأكد من طول قامة الأطفال، وإذا تأثرت سلبا أم لا، لأن ذلك كما يقول الكثيرون يحتاج إلى أجهزة ومختبرات ومقارنات مع الأطفال الآخرين، من الذين ولدوا في مناطق لا يوجد فيها عنف.
دراسات مشابهة
غير أن المفتش العام بوزارة الصحة عادل محسن يقول للجزيرة نت إن الوزارة قامت بعدة دراسات مشابهة لهذه الدراسة، لكنها تتعلق بالتغذية التي تؤثر على وزن الطفل ونموه، وبينت هذه الدراسات أن هناك فرقا في نمو الأطفال بين المناطق التي فيها أعمال عنف والمناطق الآمنة.
ويضيف أن هناك أسبابا عديدة تؤثر على نمو الطفل، منها العامل الوراثي، والتغذية وعوامل نفسية وهرمونية. وعن تأثير الحروب والعنف على نمو الأطفال يقول محسن "بالتأكيد هناك تأثيرات على نمو الطفل في المناطق التي تشهد حروبا وعنفا، لأن ذلك يؤثر على تغذية الطفل من حيث فقدان المواد الغذائية، وكذلك تؤثر على نفسية الطفل من خلال الخوف الذي ينتابه".
عادل محسن أكد أن العنف يؤثر على نمو الطفل (الجزيرة نت)
يقول المستشار في مستشفى الفلوجة أحمد خلف للجزيرة نت "بسبب الظروف التي يعيشها العراق خاصة مدينة الفلوجة لم يتسن لنا إجراء مثل هذه الدراسات التي تحتاج إلى مختبرات ومتابعة ميدانية، إضافة إلى أن مثل هذه الدراسات تحتاج إلى وقت طويل، ولكن هناك مؤشرات على حدوث حالات تشوه خلقي لدى الأطفال، خاصة حديثي الولادة بشكل كبير".
وتابع أن مسألة قصر القامة يمكن أن ترجع لعدة أسباب، منها أن ظروف الحرب تؤدي إلى نقص في الأدوية والأغذية التي يجب أن تتناولها الأمهات وتنعكس سلبا على نمو الطفل، أما التشوهات فعزاها لتعرض بعض المناطق لأسلحة محرمة دوليا.
تأثير العنف
بدوره يؤكد الخبير العراقي في الشؤون النفسية والاجتماعية ريكان إبراهيم أن العنف من أكثر العوامل تأثيرا في صحة الطفل ونموه، وقال للجزيرة نت "إذا كان علماء النفس والاجتماع ينصحون العائلات بإبعاد الأطفال عن مشاهدة أي من مظاهر العنف الأسري، فما بالنا بأطفال يعيشون أجواء العنف والدماء والقتل والانفجارات يوميا منذ ولدوا، العنف التراكمي ينعكس سلبا في حياة الأطفال ويؤثر على جميع جوانب النمو، ويؤكد صحة ودقة الدراسة البريطانية".
وتؤكد مصادر بوزارة الصحة وأخرى في مستشفى الفلوجة أن فرقا متخصصة ستعمل على رصد ومتابعة هذه الظاهرة، بهدف الوصول إلى الأسباب الدقيقة ومدى تأثير ذلك على صحة الأطفال مستقبلا، سواء ما يتعلق بطول وقصر القامة أو جوانب صحية أخرى.